الأحد، 13 مايو 2012

فارس أحلامي


غادة عبدالعال




هناك حقيقتان لا يمكن مناقشتهما في حياة كل فتاة، الحقيقة الأولى: أنها تعيش عمرها بأكمله وهي تحلم بـ«فارس أحلامها»، الحقيقة

الثانية: أنها لا تقابل هذا الفارس أبداً.

نبدأ كفتيات في وضع مواصفات ما نتمناه في شريك حياتنا منذ نعومة أظفارنا، تتطور تلك المواصفات مع الوقت، في البدء تتطابق تلك

المواصفات مع مواصفات آبائنا، فالأب هو الحب الأول في حياة كل فتاة، ثم تتطابق الصورة بعدها مع «رشدي أباظة» أو «عمر

الشريف»، بعدها تأتي مرحلة «أحمد عز» و«كريم عبدالعزيز» «صدق أو لا تصدق بعض بنات جيلي مررن بمرحلة كان فيها «أحمد عبد

العزيز» هو فارس أحلامهن.. كنا جيل غلبان قوي»، ثم يتطور الأمر أكثر ليصبح «جورج كلوني» أو «براد بيت» هو النموذج المثالي

لفارس الأحلام، أما مؤخراً فقد اتجهت كل المؤشرات تجاه دولة

«تركيا» الشقيقة، ليصبح «مهند» و«يحيى» و«كريم» هم فرسان أحلام فتيات ونساء العرب والنموذج المثالي الذي يبحثن عنه، لا تتوقف

المواصفات فقط على ملامح وجه وسيمة ـ وإن كانت بالطبع جزء كبير من المعادلة ـ إنما الجزء الأكبر يتعلق بمواصفات إنسانية،

كالرومانسية والحنان والتضحية من أجل الحبيبة والرغبة في محاربة العالم بأكمله من أجلها، تظل كل منا في انتظار هذا «الفارس» الذي

اشتاقت إليه طوال سنوات حياتها، لكننا في الغالب لا نجده أبداً، فمن من البشر تطابق مواصفاته لائحة من مواصفات خيالية لشخصية

خيالية كتبها كاتب ما لتقوم ببطولة عمل فني لا يمت للحقيقة بصلة؟، مع ذلك تصر الكثيرات منا على الانتظار، ومقارنة كل من يقترب

منهن بذلك النموذج الساحر الذي يحتل قمة لائحة أمنياتهن، فيطول الانتظار، وربما لا ينتهي، حتى وإن اقترنت كل واحدة منهن بخاطب

أو بزوج، تظل في حالة مقارنة مستمرة بينه وبين فارسها المنتظر، فتستحيل حياتها وحياة شريكها إلى سيناريو يومي متكرر أبطاله

الرئيسيون هم التعاسة والإحباط وعدم الشعور بالرضا، في الوقت ذاته قد تصل فتيات أخريات لقناعات أكثر عقلانية، مؤمنات باستحالة

وجود النموذج المثالي الذي لطالما حلمن به على هذه الأرض المليئة بالنقائص والتحديات، فتنفض كل منهن عن ذهنها أحلام اليقظة وتبدأ

في منح الحياة نظرة أكثر واقعية فتعامل من تقابلهن في حياتها بشكل منصف ومعايير تقترب من الحقيقة، تاركة أحلام الطفولة الخيالية

وأمنيات المراهقة الأكثر خيالاً خلفها.

كتب الرائع د. أحمد خالد توفيق أن «المرأة الحالمة هي الجحيم ذاته.. لأنها لن تجد من تبحث عنه أبداً.. لن تجد فارسها وسوف تكتفي

بتعذيب البائس الذي رضيت به »، في الحقيقة هي لا تعذب فقط هذا البائس الذي رضيت به، فهي تعذب نفسها أكثر في أول الأمر وآخره، بينما بإمكانها أن تحمي نفسها

ومن حولها من كل هذا العذاب إن هي أدركت أن فرصتها في الحب والسعادة قد تتضاعف بمجرد تمزيقها للائحة مواصفات فارس الأحلام.


المصدر / http://www.rotanamags.net

0 التعليقات:

إرسال تعليق

قوالب بلوجر
Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More